من منا لا يحلم؟ من منا مستعد للتنازل عن واحد من أحلامه؟ ومن منا يود العيش بدون أحلام. أليست الأحلام فرصتنا للتحليق عالياً أو الغوص في الأعماق؟ الأحلام بانتظارنا كل مساء مع حلول كل ليل. و الأحلام انعكاس لعالمنا الذي لا تعيش. الأحلام ذواتنا الحقيقية بدون رتوش أو ادعاء.
الأحلام مصدر الإلهام ووقود كل اكتشاف. الأحلام تخترق النفوس وتبدل نمط الحياة. الأحلام جمال الوجود، و والأحلام نوافذ البشر إلى عالم المجهول.
فمن منا لا يحلم؟ ومن منا لا يريد أن يكون عبقرياً؟ وهل يمكن أن نطيق الحياة لولا أحلامنا الجميلة؟
لا توجد قوة في الدنيا تستطيع أن تمنعني وإياك أن نحلم! فالأحلام هبة الله للبشر. الأحلام تضيء النفوس وتشعل الأمل، فالأحلام اليوم هي حقائق الغد.
من للفقراء غير أحلامهم؟ ومن للمحرومين في العالم غير خيالاتهم المحلقة في الفضاء؟
في الأحلام نتجاوز حدود المنطق ونتخطى كل الأسوار، فليس هناك قيد أو شرط؛ ففي الأحلام عالم المعقول وغير المعقول، عالم الممكن وغير الممكن، تتداخل الخطوط والأشكال، و يصبح كل شيء في حدود الممكن.
في الأحلام فقط وفي لحظات الغفوة تتجلى الحقيقة، وفي الأحلام تتعطل كل الحواس التقليدية ويتفنن العقل الباطن، إن كان هتاك شيء من هذا، في إبراز الصور والخيالات بطريقة تشكيلية تتمرد على كل القوانين، صور من الماضي البعيد، ومقتطفات من ذكريات الطفولة والصبا تخالط أمنيات المستقبل ولحظات الحاضر، وفي الأحلام فقط تنكسر حواجز الزمان والمكان، فلا رقيب ولا حسيب!
في الأحلام جنون، أو ليس كل الشعراء مجانين؟ أو ليس العلماء مجانين؟ ففي كل مبدع أحلام مجنونة و أفكار غريبة، قد يجد الجرأة للبوح بها أو تبقى حبيسة طول العمر يطويها النسيان.
في الأحلام يصبح المستحيل ممكناً، فبإمكانك أن تقبض الريح في يديك، وبإمكانك أن تطير كالفراشات، فالأحلام هي الشيء الوحيد الذي لا تطاله يد القانون والشيء الوحيد الذي لا يكترث بمعايير العدالة البشرية.
في النوم عالم آخر، وحقيقة أخرى. وفي النوم لغة أخرى غير تلك التي نعرفها. في النوم لغة الصور والخيالات، لغة تخلو من كل القواعد والأنماط. لغة كلها فوضى وعشوائية لكنها جميلة. لغة لا نستطيع تفسيرها عندما نصحو، لكن غموضها سر جمالها.